الجواب :
هذا مصادم للنص ، وهو غير صحيح ، وهو مُشتمل على استدلالات ضعيفة ، وفيه تكلف وتعسّف .
وذلك مِن عِدّة وُجوه :
الوجه الأول :
إعلال الحديث بالوقف ، والصحيح أن هذا ليس بِعِلّة مِن وجوه :
الأول : شُهرَة هذا الحديث عن الصحابة رضي الله عنهم ، فلا يُعَلّ بالوقف على أمّ سَلَمة .
روى الحاكم من طريق قَتَادَة قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْعَتِيكِ فَحَدَّثَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمَرَ يَقُولُ: مَنِ اشْتَرَى أُضْحِيَّةَ فِي الْعَشْرِ فَلا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ . قَالَ سَعِيدٌ : نَعَمْ . فَقُلْتُ: عَنْ مَنْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ؟ قَالَ : عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
بل كَرِه السلف الأخذ من الشعر في العشر عموما .
روى الحاكم أيضا من طريق الْوَلِيد بن مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ عَنْ أَخْذِ الشَّعْرِ فِي الأَيَّامِ الْعَشْرِ ؟ فَقَالَ : حَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ تَأْخُذُ مِنْ شَعْرِ ابْنِهَا فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ فَقَالَ: لَوْ أَخَّرْتِيهِ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ كَانَ أَحْسَنَ .
الثاني : أن مَن رَفَع الحديث معه زيادة عِلْم ، وهو مُثبِت للزيادة ، وهو أوْثَق ممن وَقَفه ، فهو مُقدَّم مِن ثلاث جهات .
الثالث : أن الإمام مسلم رَوى الحديث وصححه مرفوعا ، فليس إعلال الدراقطني بأوْلَى مِن تصحيح مسلم ، خاصة مع مُوافَقه أبي زُرعة الرازي للإمام مسلم ؛ فإن الإمام مُسلم عَرَض صحيحه على أبي زُرعة الرازي .
قال الإمام مُسلِم بن الحجَّاج : عَرَضْتُ كتابي هَذا على أبي زرْعَة الرَّازِيّ ، فَكل مَا أَشَارَ أَن لَهُ عِلّة تركته .
الرابع : ضعف الاستدلال بِتَرْك البخاري لهذا الحديث ، وعدم تخريجه له ، فإن الإمام البخاري ترك أحاديث صحيحة عنده ، ولم يُخرّجها في صحيحه ، وقد سُئل الإمام البخاري كثيرا عن أحاديث وصححها خارج الصحيح ، وهذا كثير عند الإمام الترمذي ، يقول : سألت محمد بن إسماعيل ، سألت مُحمدا .. وهو يقصد الإمام البخاري .
بل الإمام البخاري نفسه قال : لم أُخَرِّج فِي هَذَا الكتاب إلاّ صَحِيحا ، وَمَا تركت من الصَّحِيح أَكثر .
ولو اتبعنا هذه الطريقة لأعْلَلنا كل ما تركه البخاري مِن الأحاديث ولم يُخرِّجه في صحيحه ، وهذا لم يَقُل به أحد مِن أئمة النقد .
ولو قيل بِوَقْف الحديث على أم سلمة رضي الله عنه ، أو على غيرها من الصحابة ، فَلَه حُكم الرَّفْع .
كما ان قول الصحابي حُجّة – على الصحيح – إذا لم يُخالَف ، ولم تُخالَف أم سلمة هنا ، بل وافقها غيرها من الصحابة ، كما تقدَّم .
الوجه الثاني : كون النبي صلى الله عليه وسلم يبعث الهدي لمكة وهو بالمدينة ، وهو نسك أشبه الأضحية، ولم يمتنع عن شعره وبشرته ..
وهذا لا يصح الاستدلال به لسببين :
الأول : أن هذا مِن فِعله عليه الصلاة والسلام ، والأمر بالإمساك عن الشعر والظفر مِن قوله عليه الصلاة والسلام ، وإذا تعارَض القول والفعل قُدِّم القول ، لأنه أقوى ، ولعدم احتمال الخصوصية ، بحلاف الفعل فإنه يحتَمِل الخصوصية ، ولا يَدُلّ على الوجوب إلاّ بِقرينة ، والأمر لا يَحتَمِل الخصوصية ، وهو مُقتض للوجوب .
والثاني : أن هذا خاص بما إذا بَعَث بالهدي إلى مكة ، وبينهما فَرْق كبير ؛ لأنه يَجوز للحلال [الْمُحِلّ] أن يُهدِي للحَرَم ، ولا يلزمه إحرام ، بِخلاف ما لو ساق الهدي .
والهدي غير الأضحية .
قال ابن القيم : وكان إذا بعث بِهَدْيه وهو مُقيم لم يَحْرُم عليه شيء كان منه حلالا . اهـ .
وقال العيني : الهدي الذي أرسل به رسول الله مِن الغنم ليس هدي الإحرام ، ولهذا أقام حلالاً بعد إرساله ، ولم يُنقل أنه أهدى غَنمًا في إحرامه . اهـ .
وفي حديث عائشة رضي الله عنها : مشروعية الإهداء لِغير الحاج ، ولو بَقِي في بَلَدِه فإنه لا يتعلّق به شيء مِن أحكام الإحرام .
قال ابن عبد البر : فيه أن تقليد الهدي لا يُوجب على صاحبه الإحرام . اهـ .
وقال النووي : وَفِيهِ أَنَّ مَنْ بَعَثَ هَدْيه لا يَصِير مُحْرِمًا ، وَلا يَحْرُم عَلَيْهِ شَيْء مِمَّا يَحْرُم عَلَى الْمُحْرِم ، وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة . اهـ .
الوجه الثالث : الاستدلال بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي كل عام ، ولم يكن يمتنع عن شيء من شعره ..
وهذا إنما استُدلّ عليه بِحديث عائشة – الْمُتَقدِّم – وقد عَلِمْت أنه خاص بِما إذا بعث الهدي وهو في المدينة ، والْحُكم لا يتعلَّق بالأضحية ، وإنما يتعلَّق بالهدي الْمُهْدَى للحَرَم ، وهو مُقيم في المدينة .
وقوله : كان يُضحِّي كل عام ، ولم يكن يمتنع عن شيء مِن شعره .. هذا يحتاج إلى دليل خاص بالأضحية ، وليس الاستدلال بِما يتعلَّق بالهدي ، وقد عُلِم الفرق بين الهدي والأضحية ، خاصة ما يُهديه الحلال للحَرَم .
الوجه الرابع : الاستدلال بالإجماع على جواز الأخذ من الشعر للمعتمر أو المتمتع لإحلاله في العشر ولو كان مريدا للأضحية ..
وهذا الاستدلال ضعيف من وجوه :
الأول : أنه استدلال بِما ليس مَحَلّ تسليم ، فكيف يُستَدَلّ على المخالِف بِما لا يُسلِّم به ؟!
وهو جواز الأضحية للحاج .
الثاني : أن يُقال : اثبِت العَرش ثم انقش !
أثبِت أوّلاً مشروعية الأضحية للحاج ، ثم استدلّ بها .
والصحيح : أن الأضحية لا تُشرَع للحاج .
قال ابن القيم : وَهَدْيُ الْحَاجِّ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الأُضْحِيَةِ لِلْمُقِيمِ ، وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا أَصْحَابَهُ جَمَعُوا بَيْنَ الْهَدْيِ وَالأُضْحِيَةِ ، بَلْ كَانَ هَدْيُهُمْ هُوَ أَضَاحِيهِمْ ، فَهُوَ هَدْيٌ بِمِنًى ، وَأُضْحِيَةٌ بِغَيْرِهَا .
وَأَمَّا قَوْلُ عائشة : ضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ، فَهُوَ هَدْيٌ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الأُضْحِيَةِ ، وَأَنَّهُنَّ كُنَّ مُتَمَتِّعَاتٍ ، وَعَلَيْهِنَّ الْهَدْيُ ، فَالْبَقَرُ الَّذِي نَحَرَهُ عَنْهُنَّ هُوَ الْهَدْيُ الَّذِي يَلْزَمُهُنَّ .
وقال في موضع آخر : وَلَمْ تَكُنْ بَقَرَةُ الضَّحِيَّةِ غَيْرَ بَقَرَةِ الْهَدْيِ، بَلْ هِيَ هِيَ ، وَهَدْيُ الْحَاجِّ بِمَنْزِلَةِ ضَحِيَّةِ الآفَاقِيِّ . اهـ .
وقال شيخنا العثيمين : الحاج لا يُضَحِّي . اهـ .
الثالث : أنه لو ثبتت مشروعية الأضحية للحاج ، لكان أخذه لبعض شعره عند إحرامه وعند تحلله مِنه : مُستثنى مِن المنع ؛ لِحاجته إلى ذلك ، دون غيره مِمن لم يُحرِم .
الوجه الخامس : قوله : استصحاب الأصل العام وهو الإباحة إلاّ بدليل صحيح صريح ينقل عن البراءة الأصلية، وهي الإباحة ..
والدليل الصحيح في صحيح مسلم وفي غيره ، وهو صريح في النهي عن أخذ شيء من الشعر والأظافر والبشرة ، إذا دَخَلت العشر ، وأراد أن يُضحِّي .
والنهي يقتضي التحريم ، ولم يَرِد صارف صحيح صريح .
وقد قال بِالتحريم جَمْع مِن أهل العِلْم .
قال الخطابي : واخْتَلَف العلماء في القول بظاهر هذا الخبر ؛ فكان سعيد بن المسيب يقول به ويَمنع الْمُضَحِّي مِن أخذ أظفاره وشعره أيام العشر من ذي الحجة ، وكذلك قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، وإليه ذهب أحمد وإسحاق .
وكان مالك والشافعي يَرَيان ذلك على الندب والاستحباب . ورخّص أصحاب الرأي في ذلك. . اهـ .
وقال النووي : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ ؛ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَرَبِيعَةُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَبَعْضُ أصحاب الشافعى : إنه يَحْرُم عليه أخذ شئ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ فِي وَقْتِ الأُضْحِيَّةِ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ هُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيه وليس بحرام ، وقال أبو حنيفة : لا يُكره ، وقال مالك فى رواية : لا يُكره ، وَفِي رِوَايَةٍ : يُكْرَهُ ، وَفِي رِوَايَةٍ : يَحْرُمُ فِي التَّطَوُّعِ دُونَ الْوَاجِبِ . وَاحْتَجَّ مَنْ حَرَّمَ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ ، وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَالآخَرُونَ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كُنْتُ أَفْتِلُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يقلده ويبعث به ، ولا يَحْرُم عَلَيْهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ . اهـ .
الوجه السادس :
قوله : أن الأضحية مستحبة عند الجمهور ، وهو الراجح ، فكيف تُحَرِّم ذلك عليه وهي سُنَّة ؟
وهذا يُقال فيه ما قيل في " الوجه الرابع " مِن ضَعْف الاستدلال بِقَولٍ لا يُسلِّم به المعارِض .
وهو مُعَارَض بِترجيح وُجوب الأضحية ، فَعلى القول بِوجوب الأضحية ، لا يَرِد هذا القول ، ولا يُمكن القول به .
والقول الصحيح : وجوب الأضحية على المستطيع ، كما رَجَّحَه شيخ الإسلام ، ووجوب الإمساك عن الشعر والظفر لمريد الأضحية .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَقَدْ جَاءَتْ الأَحَادِيثُ بِالأَمْرِ بِهَا . وَقَدْ خرج وُجُوبُهَا قَوْلا فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ ، أَوْ ظَاهِرِ مَذْهَبِ مَالِكٍ . اهـ .
ولو قيل بان الأضحية سُنّة ، ويجب الإمساك عن أخذ شيء مِن الشعر والأظافر ، لم يَكن في ذلك تعارُض .
أما تَرَى أن المعتمر والحاج - فيما زاد عن الفريضة - إذا أحرَم بِحجّ مسنون أو بِعُمرة مسنونة ، حَرُم عليه ما يَحرُم على المفترِض ؟
فلا يَرِد هنا قول (فكيف تُحَرِّم ذلك عليه وهي سُنَّة ؟) ، فإن مَن أحرم بِحجّ أو بِعُمرة مُتنفّلا وَجب عليه ما يجب على المفترِض ، وحَرُم عليه ما يَحرم على المفترِض .
وتتمة القول في المسألة هنا :
شرح عمدة الأحكام - ح 147 في حُكم الأضحية
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?p=541270
وقد ذَكَر محققو " زاد المعاد " (324 / 2 ) أدلة وجوب الأضحية ، وقالوا عقب ذلك : ولم يأت مَن قال بِعدم الوجوب بما يَصلح للصَّرْف . اهـ . أي: بما يَصْرِف الوجوب .
وبهذا يُفتي علماؤنا :
قال شيخنا العلامة ابن باز رحمه الله : ولا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئا، بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يُضحّي .
وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله : يَحْرُم على مَن أراد أن يُضحّي أن يأخذ في العشر مِن بَشَرته أو شَعره أو ظفره شيئا حتى يُضحّي .
وقال شيخنا العلامة ابن جبرين رحمه الله : مَن أراد أن يُضحّي ، فإنه مَنْهي أن يأخذ من شعره وأظفاره في أيام عشر ذي الحجة حتى يُضحّي ، فإذا دَخل عليه العشر توقَّف عن أخذ شيء مِن شَعره وظُفره ، وتعاهَد ذلك في اليوم التاسع والعشرين أو اليوم الثلاثين مِن شهر ذي القعدة ، فيأخذ ما يريد أخذه حتى لا يحتاج إلى ذلك بعد دخول العشر ، لِوُرُود النهي عن ذلك .
وأوْرَد علماؤنا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة حديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يُضحي فليُمْسك عن شَعره وأظفاره . ولفظ أبي داود وهو لمسلم والنسائي أيضا : مَن كان له ذِبْح يَذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذ مِن شَعره وأظفاره حتى يُضحّي .
ثم قالوا : فهذا الحديث دالّ على المنع مِن أخذ الشعر والأظفار بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يُضحّي ، فالرواية الأولى فيها الأمر والترك ، وأصله أنه يقتضي الوجوب ، ولا نعلم له صارِفا عن هذا الأصل ، والرواية الثانية فيها النهي عن الأخذ ، وأصله أنه يقتضي التحريم ، أي : تَحريم الأخذ ، ولا نَعلم صارِفا يَصْرِفه عن ذلك .اهـ .
وإتماما للفائدة :
قال بعض الفضلاء :
أليست الأضحية للحاج على قولين : أحدهما ما رجحه ابن القيم الذي أوردته وهو مذهب مالك رحمه الله ، وهو عدم الجمع بين الأضحية والهدي .
وذهب الجمهور إلى أنه يجمع بينهما لعموم دليل الأضحية حيث إنه لم يخصص الحاج من غيره .
واستدلوا بحديث عائشة عند البخاري الذي أوردته وهو أضحية النبي لنسائه بالبقر .
وابن القيم وغيره رحم الله الجميع قالوا لعل المراد بتضحيته بالبقر أنها هدي عن نسائه وخالفهم ابن حزم وغيره
لكن الإشكال أنه ثمة حديث في صحيح مسلم نصه ( وعن ثوبان قال : ذبح رسول الله ضحيته ثم قال " يا ثوبان أصلح لحم هذه " فلم أزل أطعمه منها حتى قدم المدينة ) .رواه مسلم اهـ.
ولذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى وضحّى بمنى . اهـ .
فأجبته :
ما ذُكر مِن تضحية النبي صلى الله عليه وسلم عن نسائه ، أجاب عنه ابن القيم ، فيما سبق .
ولا يتصور أنها أضاحي ؛ لأنه لم يكن مِن هديه صلى الله عليه وسلم أن يُضحي عن نسائه ولا عن غيرهن بأضحية مُستقلة ، فتعين جواب ابن القيم .
وحديث ثوبان المذكور ، اختلف في تعيين مكان الذبح ، فمن الرُّواة مَن ذَكَره عاما ، ومنهم من ذكر فيه " حجة الوداع " ومنهم مَن لم يذكرها ، كما نص عليه الإمام مسلم .
ولو ترجح أنه في حجة الوداع ، لتعين حَمْله على الهدي ؛ لأنه لم يُنقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه جَمَع بين الأضحية والهدي .
وهذا ما فَهمه النووي حيث قال في شرحه على صحيح مسلم : وفيه أن الضحية مشروعة للمسافر ، كما هي مشروعة للمقيم . اهـ . ثم ذكر الخلاف .
والواجب على المسلم تعظيم النصوص ، وهذا هو شِعار أهل السنة .
قَالَ العلامةُ الطِّيبِيُّ: عَجِبتُ مِمَنْ سُمِّيَ بالسُّنِّيِّ ، إذا سَمِعَ مِنْ سُنَّةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ رَأيٌ ، رَجّحَ رأيَهُ عَلَيْها ! وأيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المبتدِعِ ؟! ... وهَا هُوَ ابنُ عُمَرَ - وَهُوَ مِنْ أكَابِرِ الصحابةِ وَفُقَهَائهَا - كَيْفَ غَضِبَ للهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهَجَرَ فِلْذَةَ كَبِدِهِ لِتلْكَ الْهَنَةِ ؟ عِبرةً لأولِي الألبابِ . اهـ .
وسبق :
خُطبة جمعة عن .. (تعظيم السنة)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14026
أرجو الرد على هذه المسائل التي يحتج بها مخرجو زكاة الفطر نقودا ؟!
http://www.almeshkat.net/fatwa/1756
ماذا يلزم من أراد أن يُضحِّي ؟
http://www.almeshkat.net/fatwa/1755
والله تعالى أعلم .