وجزاك الله خيرا
لا يجوز تجديد ما خرب من الكنائس في بلاد المسلمين ، ومن باب أولَى أنه لا يجوز إحداث كنائس في بلاد المسلمين ؛ لأن هذا من إقرار الباطل !
وجاء عن عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاس : " لا يُمَكَّنُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ إحْدَاثِ بَيْعَة فِي بِلادِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلا كَنِيسَة ، وَلا صَوْمَعَةِ رَاهِب " .
قال القرطبي في ذِكر بعض أحكام أهل الذِّمَّـة : وما صُولحوا عليه من الكنائس لم يزيدوا عليها، ولم يمنعوا من إصلاح ما وَهَى منها ، ولا سبيل لهم إلى إحداث غيرها . اهـ .
قال ابن قدامة : أَمْصَارُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْسَام :
أَحَدُهَا : مَا مَصَّرَهُ الْمُسْلِمُونَ ، كَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَبَغْدَادَ وَوَاسِطَ ، فَلا يَجُوزُ فِيهِ إحْدَاثُ كَنِيسَة وَلا بِيعَة وَلا مُجْتَمَع لِصَلاتِهِمْ ، وَلا يَجُوزُ صُلْحُهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاس : أَيُّمَا مِصْر مَصَّرَتْهُ الْعَرَبُ ، فَلَيْسَ لِلْعَجَمِ أَنْ يَبْنُوا فِيهِ بِيعَةً ، وَلا يَضْرِبُوا فِيهِ نَاقُوسًا ، وَلا يُشْرِبُوا فِيهِ خَمْرًا ، وَلا يَتَّخِذُوا فِيهِ خِنْزِيرًا . رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَاحْتَجَّ بِهِ .
وَلأَنَّ هَذَا الْبَلَدَ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَلا يَجُوزُ أَنْ يَبْنُوا فِيهِ مَجَامِعَ لِلْكُفْرِ .
وَمَا وُجِدَ فِي هَذِهِ الْبِلادِ مِنْ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ ، مِثْلُ كَنِيسَةِ الرُّومِ فِي بَغْدَادَ ، فَهَذِهِ كَانَتْ فِي قُرَى أَهْلِ الذِّمَّةِ ، فَأُقِرَّتْ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ .
الْقِسْمُ الثَّانِي ،: مَا فَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً ، فَلا يَجُوزُ إحْدَاثُ شَيْء مِنْ ذَلِكَ فِيهِ ؛ لأَنَّهَا صَارَتْ مِلْكًا لِلْمُسْلِمِينَ ، وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ فَفِيهِ وَجْهَانِ ؛ أَحَدُهُمَا ، يَجِبُ هَدْمُهُ ، وَتَحْرُمُ تَبْقِيَتُهُ ؛ لأَنَّهَا بِلادٌ مَمْلُوكَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ فِيهَا بِيعَةٌ ، كَالْبِلادِ الَّتِي اخْتَطَّهَا الْمُسْلِمُونَ .
وَالثَّانِي يَجُوزُ ؛ لأَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنَ عَبَّاس : أَيُّمَا مِصْر مَصَّرَتْهُ الْعَجَمُ ، فَفَتَحَهُ اللَّهُ عَلَى الْعَرَبِ ، فَنَزَلُوهُ ، فَإِنَّ لِلْعَجَمِ مَا فِي عَهْدِهِمْ .
وَلأَنَّ الصَّحَابَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، فَتَحُوا كَثِيرًا مِنْ الْبِلادِ عَنْوَةً ، فَلَمْ يَهْدِمُوا شَيْئًا مِنْ الْكَنَائِسِ .
وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ هَذَا ، وُجُودُ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ فِي الْبِلادِ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا مَا أَحْدَثَتْ ، فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً فَأُبْقِيَتْ .
وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى عُمَّالِهِ ، أَنْ لا يَهْدِمُوا بِيعَةً وَلا كَنِيسَةً وَلا بَيْت نَار .
وَلأَنَّ الإِجْمَاعَ قَدْ حَصَلَ عَلَى ذَلِكَ ، فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي بِلادِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ نَكِير .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ : مََا فُتِحَ صُلْحًا - ثم ذَكَر أحكام هذا القسم - .
وفي الشروط العمرية التي اشترطها عمر رضي الله عنه على نصارى الشام حينما صالَحهم ؛ فَشَرَط عليهم : ألاَّ يُحْدِثُوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ولا صومعة راهب ، ولا يُجَدِّدُوا ما خَرِب .
وهنا :
هل يجوز العمل في بناء وتشطيب الكنائس ؟
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?p=568999
والله تعالى أعلم .